طالب متعاملون خواص من الحكومة التدخل لتحرير الشبكة الوطنية للألياف البصرية، ونقاط النفاد إلى الشبكة الدولية للأنترنت من احتكار اتصالات الجزائر التي تتصرف من منطلق المالك للبنية التحتية لشبكة الاتصالات الوطنية، مشددين على أن القانون الساري العمل به ينص على أن ملكية الشبكة الوطنية تعود للدولة الجزائرية التي منحت امتياز الاستغلال لشركة اتصالات الجزائر.
قال رؤساء شركات متخصصة في توفير خدمات الأنترنت، أنهم اقترحوا على الحكومة تأسس متعامل مستقل متخصص في تسيير الشبكة الوطنية للألياف البصرية والبنية التحتية الوطنية للاتصالات، كما هو معمول به في جميع دول العالم، من أجل وضع حد لحالة الاحتكار السلبي للشبكة من قبل "اتصالات الجزائر" التي عجزت نهائيا عن تطوير خدمة الأنترنت في الجزائر وتطوير النفاد المحلي والدولي لشبكة الأنترنت.
وكشف تقرير رسمي بحوزة "الشروق" أن اتصالات الجزائر عجزت عن تسويق أزيد من 30 ألف منفد جديد للأنترنت السريع منذ اطلاقها سنة 2009 لتقنية أجهزة عقدة الوصول متعددة الخدمات (MSAN) من أجمالي حصة أولى تقدر بـ400 ألف نقطة نفاد كان يفترض أن تحل مشاكل الربط بالأنترنت الخاصة بالكيلومتر الأخير الذي يربط بين الزبائن من شركات وأفراد ومراكز الربط الخاصة بالأنترنت العالية السريعة بتقنية عقد النفاد المتعدد الخدمات.
وأشار التقرير الذي بحوزة "الشروق" أن الإشكالية الأولى والأخيرة تكمن في عجز اتصالات الجزائر على وضع خطة وطنية شاملة وواضحة المعالم ورؤية شفافة لكيفية استغلال الشبكة الوطنية للألياف البصرية واستغلالها بشكل أمثل في رفع سعة وسرعة النفاد المحلي والدولي للأنترنت، وعجزها عن إقامة استثمارات جديدة في مجال بناء مراكز للخوادم بنفس الجودة الموجودة في أوروبا وأمريكا، وطرحها بأسعار مقبولة للمتعاملين والشركات الجزائرية، مما انجر عنه استمرار الأخيرة في تطبيق أسعار عالية جدا بخدمات رديئة لزبائنها من شركات وأفراد.
ويشير التقرير إلى أن "اتصالات الجزائر" ستواصل احتكار النفاد إلى شبكة الأنترنت الدولية، حيث يمنع منعا باتا كل المتعاملين في مجال الأنترنت من الوصول إلى شبكة الأنترنت الدولية بدون المرور عبر طريق الكوابل البحرية التي تربط الجزائر بالخارج عن طريق فرنسا أو إيطاليا وإسبانيا، والتي تعتبر الجزائر مساهما فيها ويمكنها أن تطلب توسيع سعة السرعة المطلوبة إلى السرعة التي تريدها.
تسعيرة النفاد إلى الأنترنت الأغلى في العالم
بموجب التنظيم الجاري العمل به، فإن سعر الدخول إلى الشبكة الدولية تفرضه اتصالات الجزائر بطريقة احتكارية تتعارض من القانون، حيث تقوم ببيع نطاق عبور بقوة 622 ميغابت في الثانية المعروف باسم "آس تي أم 4" مقابل 72 ألف أورو أي ما يعادل 720 مليون سنتيم، وهو ما يعادل 5 مرات تقريبا سعر نفس الخدمة من موردي خدمات أنترنت دوليين على غرار فرانس تلكوم أو برتيش تلكوم اللذان يوفران نفس الخدمة مقابل 12 إلى 14 ألف أورو أي ما يعادل 120 إلى 140 مليون سنتيم، فيما تبيع اتصالات الجزائر سعة نفاد بسرعة 155 ميغا بت المعروف باسم "اس تي أم 1" بسعر يتراوح ما بين 420 و585 مليون سنتيم، ما يعني أن اتصالات الجزائر تمارس احتكارا غير طبيعي وتبيع الأنترنت بالخسارة وترغم كل شركات توفير الأنترنت في الجزائر، على العمل بالخسارة والأخطر من ذلك أنها تحتكر شبكة الألياف البصرية.
ويبلغ سعر الميغابث الواحد بالنسبة لسعة نفاد بسرعة 155 ميغابث المعروف باسم "اس تي أم 1" في المتوسط 37 ألفا و741 دج وعند بيعه للشركات لا يمكن بيع 1 ميغابث لأكثر من 5 شركات حتى يتم توفير خدمة ذات جودة مقبولة، كما لا يمكن بيع 1 ميغابث لأزيد من 20 مشتركا بالنسبة للأفراد العاديين، أي العائلات حتى يتم ضمان الحد الأدنى من الجودة.
ويتلكأ المسؤولين عن قطاع الاتصالات في الجزائر في تطوير الخدمة على الرغم من الانتقادات التي وجهها لهم الرئيس بوتفليقة، مباشرة خلال زيارته إلى مركز تطوير التقنيات الفضائية بأرزيو في ولاية وهران، حيث خاطب وزير القطاع مباشرة بأن الجزائر متخلفة جدا في مجال الأنترنت، ولكن الأخير لم يحرك ساكنا وكأنه غير معني بالأمر.
أسباب رداءة الأنترنت في الجزائر
تشير الأرقام الخاصة باتصالات الجزائر، أن رداءة الربط بالأنترنت تعود أساسا إلى بيع 1 ميغابث إلى أزيد من 40 أو 50 عائلة في نفس الوقت، وهذا ما يحدث زحمة كبيرة على الخط الذي يعتبر من الناحية النظرية بمثابة طريق سيار لإبحار المشتركين على شبكة الأنترنت، وكلما زاد عدد المبحرين على نفس الطريق (الافتراضي) تكون الزحمة التي تترجم في هذه الحالة بضعف قوة الإبحار، والتي يعبر عنها المواطنون بالاحتجاج على مستوى وكالات "أكتيل" التابعة لاتصالات الجزائر، حيث يتساءل بعض الزبائن لماذا يشتركون في سرعة مثلا بواحد ميغا ولكن لا تصلهم في أحسن الأحوال سوى 200 كيلوبث، والسبب كما هو معلوم أن اتصالات الجزائر تبيع نفس الميغا لأزيد من 40 مشتركا ويصبح من المستحيل توفير خدمة نوعية، على الرغم من أن الشركة تتوفر على نطاق نفاد واسع جدا يسمح لها بتوفير خدمة ذات نوعية جيدة لزبائنها ولكنها لا تريد ذلك.
ويكشف التقرير مفارقة غريبة، وهي أن اتصالات الجزائر ترفض رفع سعة سرعة النفاد الوطنية والدولية للأنترنت على الرغم من أن السعر ينخفض كلما ارتفع نطاق السرعة، غير أن اتصالات الجزائر تواصل تضييق الخناق على المؤسسات والأفراد لأسباب متعلقة بعدم القدرة على تسيير الشبكة الحالية، التي لا تتطلب سوى استثمارات طفيفة من قبيل تغيير البطاقات الطرفية للألياف البصرية بين نقاط النفاد للأنترنت المحلية والدولية.
وتتوفر الجزائر على 50 ألف كلم من الألياف البصرية (جزء هام منها يباع لمجموعة سوناطراك) ولكنها مستغلة بطريقة سيئة للغاية من قبل اتصالات الجزائر، وهو ما يتطلب وجود متعامل مستقل لتسير هذه الشبكة حتى تصبح "اتصالات الجزائر" تُعامل على قدم المساواة مع جميع المتدخلين في السوق وتصبح الشبكة ملكا للجميع من أجل تطبيق حلول تقنية وتكنولوجية أخرى بحرية وبعدالة، ومنها الحلول المتعلقة بتفكيك الخدمات على الشبكة، ولا تكلف البطاقات الطرفية لزيادة سرعة الأنترنت على شبكة الألياف البصرية بين نقطتين محددتين عن 1000 أورو للبطاقة التي يمكن أن ترفع السرعة مثلا من 155 ميغا إلى 622 ميغا أو إلى مستويات أعلى على سبيل المثال.
ويشير التقرير إلى أن الأسعار المطبقة بالنسبة للنفاد المحلي والدولي مرتفعة جدا مقارنة بما هو معمول به دوليا، وخاصة عندما نعرف أن أسعار النفاد الدولي للأنترنت غير مكلفة إطلاقا بفضل التراجع الذي عرفته خلال الأعوام الأخيرة، مع إمكانية جعلها أكثر انخفاضا مع إقناع المتعاملين الأجانب بالاستثمار في الجزائر، ببناء خادمات محلية لاستضافة المضامين المحلية، وهي العملية التي تمكن الجزائر من حماية أمنها المعلوماتي.