هذه اجابة احدى الشيوخ
فإيصال الماء إلى جميع أعضاء الوضوء شرط لصحته، لما روى مسلم عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال: أإنَّ رَجُلًا تَوَضَّأَ فَتَرَكَ مَوْضِعَ ظُفُرٍ عَلَى قَدَمِهِ فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ، فَرَجَعَ ثُمَّ صَلَّى. قال النووي ـ رحمه الله: فِي هَذَا الْحَدِيث: أَنَّ مَنْ تَرَكَ جُزْءًا يَسِيرًا مِمَّا يَجِب تَطْهِيره لَا تَصِحّ طَهَارَته، وَهَذَا متفق عليه. انتهى.
فإزالة ما يحول دون وصول الماء إلى البشرة واجبة ـ سواء كان هذا الحائل قليلا أو كثيرا ـ قال النووي ـ رحمه الله ـ في شرح المهذب: إذا كان على بعض أعضائه شمع أو عجين أو حناء وأشباه ذلك فمنع وصول الماء إلى شيء من العضو لم تصح طهارته ـ سواء أكثر ذلك أم قل. انتهى.
وبه يتبين لك خطأ ما تفعله زوجتك من تعمدها ترك المناكير على ظفرها مما يحول دون وصول الماء إلى ظفرها ويمنع صحة طهارتها، وما ذكرته من العفو عن الشيء اليسير، إنما محله ما كان تحت الأظفار من الوسخ ونحوه مما يشق التحرز منه وتصعب إزالته، فالمختار عند كثير من العلماء ـ كالغزالي من الشافعية وهو الذي نص عليه فقهاء الحنابلة ـ أن ذلك مما يعفى عنه لرفع الحرج، واختار كثير من العلماء عدم العفو عنه كذلك، وهو ما صححه النووي قال ـ رحمه الله: ولو كان تحت أظفاره وسخ يمنع وصول الماء إلى البشرة لم يصح وضوؤه على الأصح. انتهى.
واختار شيخ الإسلام: أن كل وسخ يسير يشق التحرز منه كأثر العجين يعفى عنه رفعا للحرج كما ذكرنا ذلك موضحا في الفتوى رقم: 123956، وليس ما تفعله زوجتك من هذا الباب، فإنه لا مشقة عليها في إزالة المناكير عن ذلك الظفر ما دامت تزيله عن سائر الأظفار، ثم إن بقاء المناكير على الظفر بكماله مع يسر إزالته وعدم مشقة الاحتراز منه ليس داخلا فيما ذكره شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ ثم إن ما ذكره الشيخ مخالف لمذهب الجماهير، ومذهبهم هو الأولى بالاعتماد وبخاصة في مثل هذه المسألة، وبالجملة فزوجتك مخطئة فيما تفعله ويجب عليها أن تتوب إلى الله تعالى، وأن لا تعود لتكرار هذا مرة أخرى، ثم إن عليها أن تعيد ما صلته من صلوات على هذه الكيفية، لأنها صلتها بغير طهارة صحيحة فلم تقع مجزئة عنها ولا مسقطة للفرض، وهذه المسألة ـ وهي وجوب قضاء هذه الصلوات عليها ـ محل خلاف بين العلماء أوضحناه في الفتوى رقم: 125226، والأحوط هو أن تقضي جميع تلك الصلوات، وهو قول الجمهور، فإن دين الله أحق أن يقضى، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.