اعتبر خبراء عسكريون أنَّ تراجع بعض دبابات الاحتلال الإسرائيلي في بعض المناطق بقطاع غزة، وإعلان بعض مسؤولي الجيش الإسرائيلي عن قرب الانسحاب منه، هو بمثابة رفع الراية البيضاء للجيش الإسرائيلي، نظرًا لِكم الخسائر الفادحة التي تعرض لها الكيان منذ بدأ العملية العسكرية على القطاع في السابع من يوليو الجاري وحتى الآن.
وأوضحوا في تصريحاتهم لـ "مصر العربية" أنَّ إسرائيل تتعرض لضغوط دولية كثيرة، كما أن تنوع قدرة المقاومة في صد التوغل الإسرائيلي أربك الكيان الصهيوني، لذلك يدرس الانسحاب لتقليل خسائره.
"خسائر فادحة"
اللواء نبيل فؤاد، مساعد وزير الدفاع الأسبق والخبير العسكري، قال إنَّ اتجاه قوات الاحتلال الإسرائيلي إلي إنهاء حربها علي قطاع غزة وتراجع بعض دباباتها اليوم جاء نتيجة للضغوط الدولية التي تتعرض لها إسرائيل منذ أيام، مضيفًا أن الخسائر الفادحة التي تكبدها الكيان بمقتل أكثر من 60 جندياً من قواته أصابته بحالة من الجلل.
وأوضح الخبير العسكري في تصريحات لـ "مصر العربية" أنَّ قوات الاحتلال لم تكن تعلم أنَّ قدرات حماس وعناصر مقاوماتها تضاعفت بهذا الشكل، قائلاً إن إسرائيل لم تدخل الملاجئ أو تخترق سماؤها بالصواريخ منذ عدة سنوات إلا الآن، وبالتالي تراجعت عن استكمال عملياتها العسكرية.
وتابع مساعد وزير الدفاع الأسبق أن الصواريخ الحمساوية حققت أهدافها بشكل كبير، وأجبرت قوات الاحتلال علي التراجع، خصوصًا أن الجوانب العامة في العلوم العسكرية" تدمير، معنوي، ثانوي حققتها المقاومة.
"الجرف الصامد"
وقال اللواء عبد الحميد السيد، الخبير العسكري، إنَّ العملية العسكرية التي قامت بها إسرائيل علي قطاع غزة كبدتها خسائر عسكرية فادحة، فالجيش الإسرائيلي لم يكن يتوقع مقتل هذا العدد من جنوده، مضيفًا أنَّ الساعات القليلة القادمة ستنهي علي عملية الجرف الصامد.
وأوضح الخبير العسكري في تصريحات لـ "مصر العربية" أنَّ إسرائيل تعودت علي بدأ العمليات العسكرية، ثم الانسحاب منها بعد فشلها وهو ما فعلته أثناء انسحابها من قطاع غزة بعد 2006، قائلاً أن اعترافات بعض القادة الاسرائلييين بصعوبة القضاء علي المقاومة الفلسطينية يثبت مدي الحالة المعنوية السيئة التي وصل اليها قادتهم.
"لن يلزم المقاومة"
من الناحية الفلسطينية قال الناطق باسم حركة حماس سامي أبو زهري، إن محاولة الاحتلال الانسحاب من قطاع غزة الأحادي الجانب لن يلزم المقاومة بشئ.
وأكد أبو زهري في تصريحات صحفية، أنَّ المقاومة غير ملتزمة بهذه الخطوة إذا ما قام بها الاحتلال، مشدداً أن على الاحتلال تحمل مسؤولية أي قرار يتخذه.
وتابع قائلاً إنَّ الاحتلال يتخبط في قراراته بشأن العدوان على غزة، مشددًا على أنَّ المقاومة رفضت منذ البداية خطوة الانسحاب من جانب واحد والعودة لمربع الهدوء السابق.
وأشار إلى أنَّ انسحاب الاحتلال من غزة هو اعتراف بفشل العملية البرية على القطاع وانتصار للمقاومة.
"لا يوجد خيار آخر"
ومن جانب قوات الاحتلال قال المحلل السياسي الإسرائيلي "يؤاف فاردي" في تصريحات صحفية أن الجيش الإسرائيلي قرر تنفيذ انسحاب أحادي الجانب وإنهاء العملية البرية على قطاع غزة لأنه لا يملك خيار آخر، لكن إذا كانت هناك مبادرة معقولة سيقبل بها، لأن الانسحاب بالاعتماد على قوة الردع غير مجدي وغير كافي وأن مصلحة إسرائيل الخروج باتفاق تسوية.
"مناورة سياسية"
واتفق معه "ميكي روزنتل" عضو حزب العمل الإسرائيلي الذي قال: "أعتقد أنَّ الحديث عن انسحاب أحادي الجانب عبارة عن مناورة سياسية من أجل خلق ضغط جديد على حركة حماس من أجل القبول بما عرض عليها سابقًا من أجل وقف إطلاق النار ويقصد (المبادرة المصرية)".
وأوضح المحلل الإسرائيلي في تصريحات صحفية أنَّ الجيش سينهي العملية البرية خلال يوم أو يومين وسيكون أمام الجيش الإسرائيلي ثلاث خيارات الأول: تسوية بناء على المبادرة المصرية أو توسيع العملية العسكرية أو انسحاب أحادي الجانب والاعتماد على قوة الردع والإشارة إلى حركة حماس بان إسرائيل ستواصل ضرباتها من الجو إذا واصلوا إطلاق الصواريخ كما حدث في تسويات إنهاء عمليات "الرصاص المصبوب" و"عامود السحاب".
وأشار المحلل أنه بعد خمسة ساعات من الاجتماع المتواصل لأعضاء المجلس الوزاري المصغر يوم أمس دون إعلان نتائج رسمية، أكد أنه لا يوجد قرار بتوسيع العملية العسكرية وعلى ما يبدوا أن هناك قرار بتجميد مسار تحقيق اتفاق تسوية أمام حركة حماس من أجل المناورة وخلق شروط أفضل لصالح أمن "إسرائيل".
"حماس لقنتنا درسًا"
وقال العميد في الاحتياط ووزير السابق "أفيجدور كاهلاني" قائد جيش الاحتلال في حرب 1967، إنَّ "على "إسرائيل" الاعتراف بالحقيقة حماس لقنتنا درساً".
وأضاف "أنا لا أقلل من قوة الخصم لقد علمنا بأن لديهم قوة صاروخية لكننا لم نستوعب ولم ندرك حجم هذا الخطر".
وكانت نقلت القناة الثانية الإسرائيلية عن مصدر سياسي كبير في المجلس الوزاري الأمني المصغر: إن إسرائيل قررت أنها سوف تنهي العملية العسكرية في غزة بشكل أحادي، بعد الانتهاء من تدمير الأنفاق الهجومية، مشيرًا إلى أن هذا النهج مبني على الردع وليس التسوية، ويعتمد على التنسيق مع مصر لمنع تعاظم قوة حركة المقاومة الإسلامية حماس، فيما ستشن إسرائيل عمليات عسكرية قادمة وفقا للحاجة.
وكانت صحيفة" يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية قد نقلت عن مسئول عسكري كبير بجيش الاحتلال أن عملية تدمير الأنفاق قد شارفت على الانتهاء، وأنه ليست هناك معلومات حول مصير الضابط المختطف الملازم "هدار جولدين"، الذي تقول إسرائيل: إن مقاتلي حماس قاموا باختطافه أمس الجمعة، مع بدء الهدنة التي انهارت بعد 4 ساعات من دخولها حيز التنفيذ والتي كان مقررا أن تستمر لمدة 72 ساعة قابلة للتجديد.
وتفسر الخطوة الإسرائيلية الجديدة تزايد رغبة جيش الاحتلال في الخروج من المستنقع الغزاوي دون الاستجابة لشروط المقاومة للتهدئة وعلى رأسها رفع الحصار عن قطاع غزة، كذلك تؤكد فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه التي أعلن عنها بداية العملية التي دخلت يومها الـ 27 وفي مقدمتها منع إطلاق صواريخ المقاومة على البلدات الإسرائيلية، تلك الصواريخ التي أدخلت أكثر من 5 ملايين إسرائيلي للملاجئ.