قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ : صِفْ لِي الْعَرَايَا مَا هِيَ , وَفِي أَيِّ الثِّمَارِ هِيَ , وَلِمَنْ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا إِذَا أُعْرِيهَا ؟ قَالَ مَالِكٌ : الْعَرَايَا فِي النَّخْلِ وَفِي جَمِيعِ الثِّمَارِ كُلُّهَا مِمَّا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ مثل الْعِنَبِ وَالتِّينِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ يَهَبُ ثَمَرَتَهَا صَاحِبُهَا لِلرَّجُلِ ، ثُمَّ يَبْدُو لِصَاحِبِهَا الَّذِي أَعْرَاهَا أَنْ يَبْتَاعَهَا مِنَ الَّذِي أُعْرِيهَا ، وَالثَّمَرُ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ بَعْدَمَا طَابَتْ أَنَّهَا تَحِلُّ لِصَاحِبِهَا الَّذِي أَعْرَاهَا أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَيَشْتَرِيهَا بِالطَّعَامِ الَّذِي هُوَ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهَا إِذَا جَدَّهَا مَكَانَهُ أَوْ بِالْعُرُوضِ نَقْدًا أَوْ إِلَى أَجَلٍ ، وَيَبْتَاعُهَا بِخَرْصِهَا بِصِنْفِهَا إِلَى جِدَادِهَا إِذَا كَانَتْ خَمْسَةَ أَوْسُقٌ فَأَدْنَى ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ لَمْ يَصْلُحْ بَيْعُهَا بِتَمْرٍ إِلَى الْجِدَادِ ، وَلَا يَصْلُحُ بِتَمْرٍ نَقْدًا ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبْتَاعَهَا بِشَيْءٍ مِنَ الطَّعَامِ مُخَالِفًا لَهَا إِلَى أَجَلٍ ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَبْتَاعَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ بِطَعَامٍ مُخَالِفٍ لَهَا إِذَا جَدَّ الثَّمَرُ مَكَانَهُ صَاحِبُهَا الَّذِي يَبْتَاعُهَا وَيَدْفَعُ إِلَيْهِ الطَّعَامَ الْمُخَالِفَ لِلثَّمَرَةِ مَكَانَهُ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَجِدَهَا وَإِنْ دَفَعَ إِلَيْهِ الطَّعَامَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ , فَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْعَرَايَا.
ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا بَيْعُ الْعَرِيَّةِ بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ إِنَّ ذَلِكَ يَتَحَرَّى وَيُخَرَّصُ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ وَلَيْسَتْ لَهُ مَكِيلَةٌ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْإِقَالَةِ ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهِ مِنَ الْبُيُوعِ مَا أَشْرَكَ الرَّجُلُ أَحَدًا فِي طَعَامٍ اشْتَرَاهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَلَا أَقَالَ مِنْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَلَا وَلَّاهُ , قَالَ : وَبَيْعُ الْعَرَايَا إِلَى الْجَدَادِ إِنَّمَا ذَلِكَ مُرْفَقٌ مِنْ صَاحِبِ الْحَائِطِ عَلَى صَاحِبِ الْعَرِيَّةِ يَكْفِيهِ عَرِيَّتَهُ وَيَضْمَنُ لَهُ خَرْصَهَا حَتَّى يُعْطِيَهَا إِيَّاهُ تَمْرًا وَلَوْلَا ذَلِكَ ضَاعَتْ عَرِيَّتُهُ أَوْ يَسْتَأْجِرُ عَلَيْهَا فَتَذْهَبُ الْإِجَارَةُ بِبَعْضِهَا