فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان فبأي آلاء ربكما تكذبان فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان فبأي آلاء ربكما تكذبان .
تفريع على إخبار فرع على بعض الخبر المجمل في قوله سنفرغ لكم أيها الثقلان إلى آخره ، تفصيل لذلك الإجمال بتعيين وقته وشيء من أهوال ما يقع فيه للمجرمين وبشائر ما يعطاه المتقون من النعيم والحبور .
وقوله فكانت وردة تشبيه بليغ ، أي كانت كوردة .
والوردة : واحدة الورد ، وهو زهر أحمر من شجرة دقيقة ذات أغصان شائكة تظهر في فصل الربيع وهو مشهور . ووجه الشبه قيل هو شدة الحمرة ، أي يتغير لون السماء المعروف أنه أزرق إلى البياض ، فيصير لونها أحمر قال تعالى يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات . ويجوز عندي : أن يكون وجه الشبه كثرة الشقوق كأوراق الوردة .
والدهان ، بكسر الدال : دردي الزيت . وهذا تشبيه ثان للسماء في التموج والاضطراب .
وجملة فبأي آلاء ربكما تكذبان معترضة بين جملة الشرط وجملة الجواب وقد مثل بها في مغني اللبيب للاعتراض بين الشرط وجوابه ، وعين كونها معترضة لا [ ص: 262 ] حالية ، وهذه الجملة معترضة تكرير للتقرير والتوبيخ كما هو مبين ، وانشقاق السماء من أحوال الحشر ، أي فإذا قامت القيامة وانشقت السماء . كما قال تعالى فيومئذ وقعت الواقعة وانشقت السماء أن قوله يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية . وهذا هو الانشقاق المذكور في قوله ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا الملك يومئذ الحق للرحمن في سورة الفرقان .
وجملة فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إلخ جواب شرط إذا . واقترن بالفاء لأنها صدرت باسم زمان وهو يومئذ وذلك لا يصلح لدخول إذا عليه .
ومعنى لا يسأل عن ذنبه : نفي السؤال الذي يريد به السائل معرفة حصول الأمر المتردد فيه ، وهذا مثل قوله تعالى ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون .
وليس هو الذي في قوله تعالى فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون وقوله وقفوهم إنهم مسئولون ، فإن ذلك للتقرير والتوبيخ فإن يوم القيامة متسع الزمان ، ففيه مواطن لا يسأل أهل الذنوب عن ذنوبهم ، وفيه مواطن يسألون فيها سؤالا تقرير وتوبيخ .
وجملة فبأي آلاء ربكما تكذبان .
تكرير للتقرير والتوبيخ .