وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام .
الجملة عطف على جملة يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان لأن هذا من أحوال البحرين وقد أغنت إعادة لفظ البحر عن ذكر ضمير البحرين الرابط لجملة الحال بصاحبها .
واللام للملك وهو ملك تسخير السير فيها قال تعالى ومن آياته الجواري في البحر كالأعلام إن يشأ يسكن الرياح فيظللن رواكد على ظهره إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور أو يوبقهن بما كسبوا . فالمعنى : أن الجواري في البحر في تصرفه تعالى ، قال تعالى والفلك تجري في البحر بأمره .
والإخبار عن الجواري بأنها له للتنبيه على أن إنشاء البحر للسفن لا يخرجها عن ملك الله .
والجواري صفة لموصوف محذوف دل عليه متعلقه وهو قوله : في البحر ، والتقدير : السفن الجواري إذ لا يجري في البحر غير السفن .
وكتب في المصحف الإمام ( الجوار ) براء في آخره دون ياء وقياس رسمه أن يكون بياء في آخره ، فكتب بدون ياء اعتدادا بحالة النطق به في الوصل إذ لا يقف القارئ عليه ولذلك قراه جميع العشرة بدون ياء في حالة الوصل والوقف لأن الوقف عليه نادر في حال قراءة القارئين .
وقرأ الجمهور المنشآت بفتح الشين ، فهو اسم مفعول ، إذا أوجد وصنع ، أي التي أنشأها الناس بإلهام من الله فحصل من الكلام منتان منة تسخير السفن للسير في البحر ومنة إلهام الناس لإنشائها .
وقرأ حمزة ، وأبو بكر عن عاصم بكسر الشين فهو اسم فاعل .
فيجوز أن يكون المنشآت مشتقا من أنشأ السير إذا أسرع ، أي التي يسير بها الناس سيرا سريعا . قال مجاهد : المنشآت التي رفعت قلوعها . والآية تحتمل المعنيين على القراءتين باستعمال الاشتقاق في معنيي المشتق منه ويكون في ذلك [ ص: 252 ] تذكيرا بنعمة إلهام الناس إلى اختراع الشراع لإسراع سير السفن وهي مما اخترع بعد صنع سفينة نوح .
ووصفت الجواري بأنها كالأعلام ، أي الجبال وصفا يفيد تعظيم شأنها في صنعها المقتضي بداعة إلهام عقول البشر لصنعها ، والمقتضي عظم المنة بها لأن السفن أمكن لحمل العدد الكثير من الناس والمتاع .