يرى المجاهد الراحل، أحمد علي محساس، أن اغتيال الشهيد عبّان رمضان، كان نتيجة طبيعية لـ "الطموح الجامح للسلطة" الذي أبان عنه مهندس مؤتمر الصومام مباشرة بعد التحاقه بالثورة التحريرية في جانفي 1955، بعد خروجه من السجن.
وجاء في كتاب جديد معنون بـ "أحاديث مع أحمد علي مهساس"، صدر عن دار الخليل، أنجزه الكاتب لمجد ناصر: "لقد كان عبان رمضان ألعوبة في يد مجموعة من السياسيين، استغلوا حيويته وطموحه الجامح للسلطة، ليقضوا به مآربهم وطموحاتهم السياسية، ولما اصطدم مع نواياهم أوصلوه إلى النهاية الأليمة".
وأوضح وزير الفلاحة في أول حكومة للجزائر المستقلة، أن عبان الذي تمت تصفيته بالمغرب من طرف النواة الصلبة للثورة التحريرية، المشكلة من الباءات الثلاث، عبد الحفيظ بوالصوف، وبلقاسم كريم، ولخضر بن طوبال، "لم يكن يوما خائنا للقضية الوطنية، لكن سياسيا قام بتصرفات تضعف الجهة التي كان من المفروض أن يتخندق معها، فمكانه الطبيعي من المفروض أن يكون بيننا وليس مع الذين يحاربوننا، وبالتالي فتصرفاته يمكن تصنيفها ضمن الخيانة السياسية، لكونها كانت تؤدي إلى الفتنة والفرقة في أوساط المجاهدين، ومن ثم إفشال الثورة ".
وذكر الراحل في شهادته، أنه تلقى دعوة من عبان للمشاركة في اجتماع المجلس الوطني للثورة بالقاهرة، غير أنه رفض، وأشار إلى أن من وصفها "زمرة" عبان تخلت عنه في اجتماع القاهرة وتركته وحيدا، الأمر الذي دفعه إلى "انتقاد تصرفاتهم، ويعطي الأوامر وكأنه المسؤول عن الثورة والقادة، وحينها قالوا إنه يشوش على المجلس الوطني للثورة ويعطل أعمالهم، فاجتمع الخمسة وقرروا إنذاره، وهم محمود الشريف، كريم بلقاسم، عمار أوعمران، لخضر بن طوبال وعبد الحفيظ بوالصوف، ليقرروا فيما بعد تصفيته بالمغرب".
ويحاول محساس تبرير النهاية التي آل إليها مصير عبان رمضان، فيقول: "سيسجل التاريخ بأن أول من استعمل العنف من أجل الاستيلاء على السلطة، هم مجموعة الصومام، وهي المنهجية التي دخلت الحكم بعد الاستقلال.. فقد بذلوا جهدهم للتآمر على النواة الأولى للثورة بالأوراس، فقاموا بتصفية عباس لغرور، وعبد الحي ومجموعته، وآخرين بلغ تعدادهم ما يفوق 30 مجاهدا وهم من خير أبناء الجزائر".
ويتحدث الكتاب عن محاولات قام بها محساس لوقف سفك الدماء بين أبناء جبهة التحرير والحركة الوطنية بزعامة مصالي الحاج، انطلاقا من العاصمة الإيطالية روما، ويؤكد أنه توصل إلى اتفاق مع ممثلين عن جماعة مصالي، غير أن من أسماهم "الصوماميين" قاموا بقتل الوسيط، عبد الله عابد، الذي كان محكوما عليه بالإعدام من طرف الجيش الاستعماري في 1945.
وأوضح محساس في شهادته، أن بومدين وبعد الانقلاب على الرئيس السبق، أحمد بن بلة في 19 جوان 1965، حاول استمالة الأسماء المعروفة بقربها من بن بلة، ويقول: "استدعاني بومدين وقال لي هناك مشكل في الجيش، فأجبته بأن هذا الكلام خطير، ومن الأفضل طرحه في المكتب السياسي لمعالجة المشكل وإذا ما تعذر ذلك نذهب إلى استدعاء اللجنة المركزية، وإذا لم نستطع نذهب إلى مؤتمر استثنائي، لم يعجبه رأيي لأن هدفه كان استمالتنا بالواحد ليستغني عن الآخرين، مثل بوتفليقة ثم مدغري، ونفس السياسية تعامل بها مع شعباني رحمه الله، إلى أن أوصله إلى النهاية الأليمة".
وذكر محساس أن بومدين حاول التخلص منه فلفق له "تهمة" اختلاس 5000 فرنك، وهو الذي منحه إياها بغرض العلاج بفرنسا، كما يقول في شهادته، وهو ما حتم عليه الالتحاق بالمعارضة، ليؤسس رفقة العطفي وبن منصور وبودية (محسوبين على بن بلة) ما أسموه "تجمع الثورتين". ويشير محساس إلى أن بومدين اتصل به ليعود إلى الجزائر، وأبلغه أنه يسعى لـ "تكريس الديمقراطية تدريجيا في هياكل الجيش والوزارات".