أرى في القرآن آيات تفزعني ..وأراهم يطمئنون بها ..فأنا وهم فيها طرفي
نقيض..يقول الله (سح وتع ) : (الكافرون هم الظالمون)..ويقول من الوعيد ما
تقشعر منع الجلود..(لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا
عن ظهورهم ولا هم ينصرون) (بل تأتيهم بغتة فلا يستطيعون ردها ولا هم
ينظرون)..وهذه كلمة تحتمل كفر الإلهية ..وكفر هو الجحد بالبعث ..وكفر هو
كفران النعمة ..
ما يؤَمّنني أن يكون واقعا علي كفران النعمة ؟ فما وجه فرحي بتصوّري أنها
ترجع إلى كفر الجحد ؟ ليس هذا من الحزم أن أجتهد في مجانبة كفران
النعم ..خوفا أن يكون الوعيد راجعا إلي بكوني كافراً للنعمة ..وكما أن كفر
الجحد كفر وجحد للمنعم ..أيضا تغطية النعم واستعمالها فيما يسخِّط هو
كفر..لا آمن والله أن يكون قوله : ( لا يكفون عن وجوههم النار) راجعاً إلى من
كان لا يلوي وجهه عن البهت والنظر الحرام .. (ولا عن ظهورهم) راجعا إلى
من لم يتجنب ظهره الحرام..والى من كان يلتجئ إلى الظلمة في استيفاء
الحقوق..والإستقصاء بما يزيد على الحقوق..الى أمثال ذلك..ألا تراه قال في
الآية الأخرى في مانع الزكاة : (يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها
جباههم و جنوبهم وظهورهم )لأن الجبهة تنزوي بالتعبيس في وجه
الفقير ..والظهر يُستدبَر به الفقير ..ولكل عضو من هجران الحقوق حظ..فله
من الوعيد مثله.