يمتنع اغلب السوريين عن الاحتفال بعيد الفطر هذا العام بسبب الاحداث الدامية التي تعيشها بلادهم منذ 18 شهرا والتي انعكست سلبا على واقعهم الاجتماعي والاقتصادي، فيما فضل بعضهم الاحتفاء بالعيد على طريقته.
واحجمت ربى وهي مهندسة في ال38 من العمر عن قبول التهاني بهذه المناسبة وكتبت في صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك "اعتذر من الجميع عن ارسال او استقبال المباركات بالعيد وادعو الله ان يرحم جميع شهداء الوطن".
واتخذ الصراع في سوريا منحى اكثر عنفا مع وصول المعارك الى دمشق ثم الى حلب، المدينتين الاكثر اهمية في البلاد، وذلك في شهر تموز/يوليو الذي كان "الاكثر دموية" في سوريا منذ بداية حركة الاحتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الاسد منتصف آذار/مارس 2011.
وبالنسبة الى سوريين آخرين فان النقاش بينهم يدور حول نمط "الضيافة" الذي سيتبعونه عند قدوم المهنئين بالعيد، فمنهم من اكد انه لن يشتري الحلوى بينما اكد اخرون انهم سيكتفون بتقديم الشوكولا المرة أو القهوة بدون سكر.
وتقول زينب وهي عاملة تنظيفات (43 عاما) "كنت اتوقع خروج ابني من المعتقل قبل العيد، اما وانه ما زال في الداخل فاي عيد سأحتفل به".
وتشكو هذه العاملة التي تقطن في مخيم للنازحين من ضيق الحال نظرا لارتباط اجرها اليومي بذهابها الى العمل والذي حدت الظروف من امكانيته، وتقول "على كل الاحوال لن يمكنني شراء حاجيات العيد من حلوى وملابس" بسبب ارتفاع اسعارها.
واكدت صحيفة البعث الحكومية الاسبوع الماضي ان حركة الشراء تراجعت بمقدار 75 بالمئة مقارنة بالاعوام السابقة، مشيرة الى ان حركة الركود التي تشهدها الاسواق ادت الى تكدس البضائع في المخازن وبكميات كبيرة بسبب ضعف حركة الشراء.
ويقول وليد وهو يقف على باب متجره المتخصص ببيع الالبسة النسائية لمراسلة وكالة فرانس برس عشية العيد ان "من يرى هذه الجموع الكبيرة وهي تسير في الشوارع هذا المساء سيقول ان ابواب الرزق فتحت".
ويشير الى المتاجر المجاورة له في منطقة الجسر الابيض التجارية ويقول "انظري ان جميعها فارغة"، مضيفا "انه ازدحام مجاني" رغم ان اغلب المحال التجارية اعلنت عن تنزيلات للتخفيف من الكساد والتشجيع على الشراء.
ويؤكد تاجر آخر في شارع العابد التجاري وسط العاصمة ان "من معه قرش هذه الايام يفضل الاحتفاظ به للايام القادمة بدلا عن شراء الكماليات"، لافتا الى ان المشترين يتوجهون الى البسطات "التي تفترش الارصفة وتبيع باسعار زهيدة".
ونظرا للاوضاع الامنية السائدة في البلاد، اتفقت عدة عائلات على شراء ازهار الآس، التي اعتاد السوريون وضعها على قبور موتاهم بعد زيارتها وتنظيفها في الاعياد، وتكليف شخص واحد بالقيام بهذه المهمة هذا العام، كي لا يثير تجمعهم في المقابر ريبة السلطات.
ويقول خالد وهو تاجر (57 عاما) "لقد طلبت وجيراني من الناطور شراء الزهور والذهاب بدلا عنا الى المقبرة لتنظيف المدافن ووضع الزهور عليها خوفا من اثارة قلق السلطات من تجمعنا كلنا في مكان واحد".
واضاف "سنقرا الفاتحة على ارواح موتانا في المنزل"، معربا عن امله في ان "الله سيتقبلها منا في ظل هذه الظروف".
ولا تخلو جلسات السوريين عشية العيد من النكات السوداء، وفي هذا سأل احدهم "من اين علي ان احصل على الفيزا لزيارة اهلي في احدى المحافظات لتهنئتهم بالعيد" بعد ان تقطعت اوصال البلد وانتشرت الحواجز على الطرقات.
وحتى مصطلحات العيد وامنياته تغيرت وتلونت بالوان المآسي التي تشهدها البلاد.
فهذا العام بات العديد من السوريين يستخدمون بالعيد عبارات تنم عن املهم بعودة الهدوء والسكينة الى بلدهم، ومنها "ان شاء الله يكون هذا العيد فاتحة للاستقرار والازدهار"، و"نرجو ان يمن الله عليكم باعياد الامان والسلام" و"كل عام وانتم ووطننا بخير".
اما المتهكمون منهم فيلجأون الى عبارات ساخرة من مثل "ينعاد العيد عليكم بلا حواجز" و"ان شاء الله العيد القادم تنفجر بوشك (بوجهك) قنابل الرزق وينزل على بيتك صواريخ الهنا والرحمة" و"يبعتلك سيارة مفخخة بالورد".
والتندر لا يفارق ايضا الناشطين الذين باتوا يقضون معظم اوقاتهم على الانترنت او امام شاشات التلفزيون لمتابعة ما تبثه مختلف المحطات الفضائية عما يجري في بلادهم.
وفي هذا نشر احدهم على صفحته على فيسبوك صورة تظهر فيها شاشة احدى القنوات السورية وهي تبث شريطا عاجلا اسفل الشاشة تقول فيه ان "كل ما بثته القنوات المغرضة عن ان الاحد هو اول ايام عيد الفطر لا اساس له من الصحة والجهات المختصة ما زالت تلاحق هلال شهر شوال".
بدوره رسم احد رسامي الكاريكاتور صورة لهلال وهو يقول "اعلن انشقاقي عن شهر رمضان وانضمامي لشهر شوال وهذه هويتي" في اشارة الى افلام الفيديو التي يصور فيها المنشقون عن الجيش السوري انفسهم وهم يتلون بيان انشقاقهم رافعين هويتهم للدلالة على انتمائهم للمؤسسة العسكرية.