الكابوس (Nightmare)
وهنا يكون التشخيص اضطراب مخل بالنوم غير مصنف في مكان آخر.
ومن خلال الخبرة في معالجة الحالات النفسية، علاجاً نفسياً، على مدار ما يزيد على عشرين عاماً، لوحظ أن الكوابيس إنما تُعَدّ عن عقاب من الشخص لنفسه، إذ يكون لائماً لنفسه أو لديه شعور بالذنب (Guilt Feeling)، ويشعر في قرارة نفسه أنه يستحق العقاب، ومن ثم يكون دور الجزء اللاشعوري من الأنا الأعلى هو معاقبة الشخص بإسقاط رغبة العقاب على هيئة الخيالات المتكونة فتكون الصور الناتجة معاقبة، وهو الكابوس.
وليس أدل على ذلك من فتاة كان لديها قِيم، ثم وقعت في صراع ورغبة داخلية في اتجاه الخطيئة، تنازعها رغبة في الحفاظ على القِيم، والاستمرار في طريق الاستقامة. وتتكرر رؤيتها لكابوس أنها تسقط من مكان مرتفع إلى هاوية سحيقة وتنهض صارخة منه. وهنا، يعبر السقوط عن الخوف من السقوط في الخطيئة، والعقاب لها، في الوقت نفسه، على الميول الغريزية نحو الخطيئة. وبمجرد توضيح ذلك لها، من خلال جلسات العلاج النفسي، وحسم الصراع داخلها، اختفي الكابوس، من دون أن تعطى أي عقاقير.
وتلك السيدة المتزوجة التي كان لديها إحساس بالذنب لمقابلتها شخص غير زوجها خفية، وكان يزعجها كابوس أن السرطان قد أصاب ثديها، وأنه لا بدّ من استئصاله، فتصحو من نومها مذعورة، ووصل الأمر بها إلى الخوف من النوم، لأن هذا الكابوس المرعب يباغتها كلما نامت. وكان العلاج في أن تتوقف عن التصرفات التي لا يرضى عنها ضميرها، بعد أن وعت ذلك من خلال الجلسات النفسية. وليس معنى هذا أن من تنتابهم كوابيس مذنبون، ولكنهم أصحاب قِيم داخلية، ولديهم ضمير، أما من انعدمت قِيمهم، وماتت ضمائرهم، فلا تزعجهم الكوابيس، وينامون ملء جفونهم، على الرغم مما يرتكبون أخطاء، سواء في حق أنفسهم، أو في حق الآخرين.
ومن ثم فإن العلاج لحالات الكابوس، يكون نفسياً يهدف إلى كشف الصراع الداخلي بين مكونات النفس والعمل على حله بالأساليب النفسية من دون عقاقير.